إحاطة امام مجلس الأمن حول “دور الشباب والنساء في تحقيق الأمن والسلام والوضع في مدينة تعز”

الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لمؤسسة شباب سبأ أ. عُلا الأغبري قدمت إحاطة لمجلس الأمن حول دور الشباب والنساء في تحقيق الأمن والسلام في اليمن، والوضع في مدينة تعز.

نص الإحاطة

السيدة الرئيسة، السادة الحضور،

في البداية أود شكر حكومة النرويج لإتاحة الفرصة لي لأقدم هذه الإحاطة بالنيابة عن مؤسسة شباب سبأ للتنمية (شيبا)، وهي مؤسسة محلية يقودها الشباب وأعمل من خلالها مع الكثير من الشباب والنساء من أجل تحقيق الأمن والسلام في بلادي اليمن المنكوب بالحرب منذ أكثر من 7 سنوات.

أنا عُلا الأغبري شابة من اليمن ومثلي الآلاف الشباب والنساء اليمنيين المتواجدين على الأرض الغير المؤمنة من القذائف والضربات الجوية ولكننا نصر على الاستمرار والعمل كل يوم من أجل تعزيز التعايش المجتمعي وتحقيق الأمن السلام في اليمن. وانا هنا لأقدم هذه الإحاطة عن جهود النساء والشباب في عملية بناء السلام في اليمن وعن الوضع في مدينتي مدينة تعز، وعن جهودنا في الوساطات المحلية التي  نقوم بها وتحدث فرقًاً في حياة السكان المحليين الذين تشتد معاناتهم دون أي دعم أو إسناد من أي جهة.

 

السيدة الرئيسة، السادة الحضور،

من خلال مؤسسة شباب سبأ ولإيماننا بأهمية دور الشباب والنساء في حل النزاعات المجتمعية وبسب ضعف اداء السلطات المحليه بسبب الحرب  قمنا بتكوين مجالس مجتمعية تعمل على حل النزاعات التي تحدث بين الاهالي  بشكل يومي واليوم أصبحت هذه المجالس الشبابية من المرجعيات المهمة التي يعود لها المجتمع في حل النزاعات والتخفيف من حدة التوترات.

لكن دور الشباب لا يقتصر على العمل على المستوى المحلي فقط، ولكن يتعداه لآمال وتطلعات للعمل على المستوى الوطني والمشاركة في مفاوضات السلام التي تتم بين أطراف الحرب المسلحة. لذلك وفي هذا الصدد ياسيدتي الرئيسة قمنا مؤخرًا وبالتعاون والشراكة مع عدد كبير  من المنظمات والتكتلات الشبابية من مختلف المناطق اليمنية بإطلاق أول مجموعة دعم شبابية  تهدف المجموعة بشكل أساسي  للدفع بأصوات الشباب على المستوى الوطني من خلال الضغط لتكوين مجلس استشاري شبابي يعمل مع  مكتب المبعوث الاممي لليمن لتصل رؤى الشباب إلى طاولة المفاوضات وعملنا هذا نابع من ايماننا بأن مفاوضات السلام حول الوطن الكبير لا يجب أن تقتصر على أطراف الحرب المسلحة وإنما يجب أن تشمل الجماعات الغير مسلحة كالشباب والنساء والمجتمع المدني.

هذه الجهود التي يبذلها الشباب والنساء بشكل يومي في الأرض لو توقفنا عن عملها لتفاقمت المشاكل أكثر وأكثر ولفقدنا الكثير من أصدقائنا وأحبائنا في الحرب. هذه الجهود التي لا تسلط عليها أضواء الإعلام المهتمة فقط بالحرب والدمار في اليمن تثبت بأن الشباب والنساء والمجتمع المدني قادر على المشاركة في عملية بناء السلام لذلك فهو بحاجه لدعمكم ودعم المجتمع الدولي لتتعاظم نتائجها وآثارها وأيضاً لتكون خطوة في الطريق الصحيح في سبيل تحقيق قرارات مجلس الأمن خاصة 1325 المتعلق بالنساء والسلام والأمن والقرار 2250 الخاص بالشباب والسلام والأمن.

السيدة  الرئيسة، السادة الحضور،

أنا من مدينة تعز، قطعت مسافة، في الطريق البري إلى الجنوب، لا تزيد عن 120 كيلومتر، في الوصول إليكم هنا، خلال ثماني ساعات كاملة؛ لتقديم هذه الإحاطة، وهي رحلة كان يمكن أن تستغرق وقتًا أقل لولا إغلاق الطرق الرئيسية. مررت بطريق وعرة ومسالك جبلية خطرة تنقطع بصورة مستمرة بسبب حوادث المركبات وشاحنات النقل الثقيل المسافرة، أو بسبب السيول والانزلاقات الصخرية في مواسم الأمطار وكلها حوادث غالبًا ما تخلف ضحايا في أوساط المدنيين.

اما عن الحديث عن الطريق الآخر شرق المدينة، اعتاد الكثير من المواطنين  في تعز، قبل الحرب، أن ينتقلوا من طرف المدينة إلى طرفها الآخر في مدة لا تتجاوز عشر دقائق، اما اليوم فقد أغلقت هذه الطرق الرئيسية وأصبحنا نحتاج ست ساعات على الأقل لنصل. هذه الطرق الفرعية البديلة أصبحت تمثل رحلة موت حقيقية، في وجه كل من يمر بها من القوافل التجارية، وطواقم العمل الإنسانية، والمسافرين والمرضى والطلاب والعمال الذين يعملون في مرافق تقع في طرف المدينة ويقيمون في طرفها الآخر، وهذا ما يجعل لون الحياة حالكًا ويضيف إلى حياة الناس القاسية فيها عذابات أشد قساوة، وحوَّل تعز إلى بيئة طاردة مع خروج الكفاءات الطبية ورؤوس الأموال الكبيرة وحتى المنظمات الدولية والمحلية التي نقلت مراكز عملها إلى صنعاء وعدن وتركت هذه المدينة تموت أكثر منذ سبع سنوات.

تعز وحتى هذه اللحظة ما تزال تعاني من إغلاق الطرقات وانعدام الخدمات والإهمال وهي المرحلة الأسوأ التي تمر بها المدينة، وأؤكد هنا أنه على الرغم من هذه المعاناة التي يتحملها يوميًاً ما يزيد عن ثلاثة ملايين إنسان، فإن تعز تقع في خارج دائرة الضوء، لم ينتبه لها الساسة ولا حفلت بها طاولات التفاوض ولا تمكنت من لفت انتباه ضمير العالم لما يحدث فيها رغم  تناول قضيتها تحت بند “تفاهمات حول تعز” التي أقرها مجلس الأمن في اتفاقية ستوكهولم بموجب القرار رقم 2451 لعام 2018.

السيدة الرئيسة، السادة الحضور،

يبذل النساء والشباب والمجتمع المدني في مدينة تعز الكثير من الجهود في سبيل إعادة فتح الطرقات الرئيسية المغلقة بسبب الحرب وإعادة تفعيل الخدمات العامة الأساسية. لقد قامت النساء والشباب بعدة حملات وساطة لفتح الطرقات منذ العام 2015. احتاجت هذه الحملات الكثير من الجهود وجميعها لم تكلل بالنجاح في فتح طريق آمن للمدنيين وخصوصاً للنساء والأطفال والمرضى منهم، ليستمر أبناء مدينتي في العيش لعامهم السابع في مدينة محاصرة فاقدة لشروط الحياة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

أما في ملف توفير الخدمات الأساسية، وخاصة في توفير خدمة المياه؛ فقد قمنا كوسيطات ووسطاء محليين وبمساعدة تحالف من الفاعليين المحليين، باستعادة بعض الآبار التي كانت تحت سيطرة القوات العسكرية مما أعاد خدمة المياه لبعض الأحياء المحرومة منها منذ سبع سنوات، وما زلنا حتى اليوم مستمرون في بذل جهود الوساطة مع الأطراف المختلفة لضمان إعادة تدفق المياه للمواطنين في المدينة، وحتى الآن نرى أن استجابة الأطراف جيدة للجهود التي يبذلها فريق الوساطة، وهناك استعداد واضح للتعاون لإيجاد حلول ولو نجحت هذه الوساطة في إعادة تدفق المياه للمواطنين لشكلت واحدًاً من أهم النجاحات المحسوبة للمجتمع المدني منذ اندلاع هذه الحرب المطولة.

مرة أخرى أقدر جيدًا هذه الدعوة لإحاطة مجلس الأمن، وكشخص قادم من الأرض، أؤكد أن جهودنا كشباب – نساء ومجتمع مدني لن تتوقف في عملية تحقيق الاستقرار وبناء السلام وهنا أشارك معكم ومع الفاعلين الدوليين مجموعة من التوصيات التي تدعم جهدنا وعملنا في الميدان:

  1. التأكيد على المشاركة الفاعلة للشباب والنساء ومنظمات المجتمع المدني المعبرة عن مصالح الغالبية العظمى من ابناء اليمن في آليات بناء السلام من خلال تكوين غرفة دعم للمجتمع المدني ومجلس استشاري شبابي للتشاور والتنسيق مع مكتب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن.
  2. العمل مع وزيادة الدعم الموجه للمنظمات المدنية التي يقودها الشباب والنساء وبناء قدراتها ببرامج- تمكين حقيقية للمشاركة بشكل فاعل في عملية بناء السلام.
  3. التركيز على دعم النساء الشابات لأن هذه الفئة ليست مشمولة بصورة واضحة وملموسة لا في فئة الشباب الذكور ولا في فئة النساء التي يتوجه لهن الدعم الدولي حاليًا.
  4. توجيه الدعم لانعقاد لجنة “تفاهمات حول تعز” والتي هي احدى مخرجات اتفاقية ستوكهولم في العام 2018 بحيث تتوسع لتشمل المجتمع المدني العامل في الوساطة لفتح الطرقات الرئيسية أمام المواطنين في مدينة تعز.
  5. وجود نقطة اتصال بين الوسطاء المحليين ومكتب المبعوث الأممي لليمن.
 

السيدة الرئيسة  آمل أن تكون تعز ببعديها الإنساني والسياسي حاضرة على جدول أعمال الفاعلين الدوليين مستقبلًا لما يمكن أن تضيفه من مداخل لحلحلة ملف الأزمة اليمنية. واؤكد على أهمية دعم  دورنا كشباب ونساء ومجتمع مدني في عملية تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن.

شكرا…..